الخفايا السياسية لصفقة نيمار القطرية
وسط العاصمة القطرية الدوحة، في شارع سحيم بن حمد، في "حي سعد"، بالدور الرابع، تقبع مؤسسة "قطر للاستثمارات الرياضية" التي تعد أحد أذرع صندوق "قطر السيادي" في قطاعات الرياضة والترفيه ووسائط الإعلام، واستثمار الممتلكات العقارية والتنمية، التسويق وخدمات العلاقات العامة، حتى صنع الأحذية الرياضية والزى المدرسي، وتعود ملكيتها للحكومة القطرية، كما هو معلن على موقعها الرسمي، لكن في الحقيقة هي عبارة عن كيان يضم ضباط مخابرات قطريين سابقين أوكلت لهم مهمات رسمية تأتى بالأمر المباشر من القصر الأميري بالدوحة.
ويترأس مجلس إدارة، المؤسسة التي يشرف على كل تفاصيلها الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، رجل الأعمال القطري "ناصر بن غانم الخليفي"، والذي يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي للمؤسسة، بالإضافة لمنصبه الرئيس التنفيذي لنادى "باريس سان جيرمان" الفرنسي والذي ضم اللاعب البرازيلي "نيمار دا سيلفا" مؤخرا في صفقة هي الأكبر بتاريخ كرة القدم حيث تخطت 222 مليون يورو.
كما يشغل الخليفي منصب عضو مجلس إدارة في جهاز قطر للاستثمار منذ عام 2015، وهو المنصب الذي منحه له تميم، لجهوده الكبيرة في خدمة البلاط الأميري، حيث كشفت مصادر بارزة بالمعارضة القطرية لـ «اليوم السابع"، أن الخليفي كان أحد عناصر الاستخبارات القطرية المتخفين تحت ظل مناصب رفيعة، واللذين تم منحهم امتيازات كثيرة منها بعض مشاريع إنشاءات كاس العالم مثل عقود وتأجير محلات، وهي المشاريع الكفيلة أن تجعل من يعمل بها مليونير في أيام قليلة
الخليفي تدرج في مسيرته المهنية في عالم الإعلام بدءً من مدير لإدارة حقوق البث في قناة "الجزيرة الرياضية" منذ انطلاقها عام 2003، إلى أن تمت تسميته مديرا عاما للقناة عام 2008.
وفى ديسمبر من عام 2013، قاد الخليفي مسيرة انتقال الجزيرة الرياضية إلى شبكةbeIN SPORTS العالمية، وأصبح رئيسا لمجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعةbeIN الإعلامية، كما يشغل منصب رئيس الاتحاد القطري للتنس منذ عام 2008، كما انتخب نائبا لرئيس الاتحاد الآسيوي عن منطقة غرب آسيا.
ومؤسسة "قطر للاستثمارات الرياضية"، التي يترأسها كان لها الدور الأساسي في حصول قطر على حقوق تنظيم كأس العالم عام 2022 من خلال الرشاوى التي دفعت لاتحاد كرة القدم الدولي "الفيفا" والفساد الذي تم كشفه مؤخرا.
وفى سياق جهود الخليفي، لتلميع صورة سيده في القصر الأميري، خاصة بعد مرور 60 يوم من القطيعة العربية للدوحة، بسبب دعمها التطرف والإرهاب في المنطقة، فاجئ العالم بصفقة لشراء مهاجم ونجم نادى برشلونة "نيمار" ودفع 222 مليون يورو كشرط جزائي للنادي الإسباني من أجل انتقال اللاعب البرازيلي لصفوف النادي الباريسي الذي يترأسه كعربون محبة للفرنسيين من أجل استمالة قلوبهم ووقوفهم بجانب أميره ودعمه دوليا وسياسيا.
وقالت المصادر بالمعارضة القطرية، إن الصفقة التي تجاوزت 300 مليون يورو، منها 222 مليون يورو شرط جزائي، يحوم حولها شبهات سياسية، وهو الرقم الذي لا تتحمله ميزانية النادي الفرنسي موضحة أن النادي الفرنسي، تمتلكه مؤسسة "قطر للاستثمارات الرياضية"، التي يرأسها رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي، أحد أذرع رجال تميم القوية في أوروبا، وسمسار حصول الدوحة على تنظيم مونديال 2022 من خلال الرشاوى التي دفعت لاتحاد كرة القدم الدولي "الفيفا".
وأضافت المصادر القطرية، أن الأمير تميم يبدد أموال شعبه في أمور دون فائدة تعود عليهم، وينفق ملايين الدولارات في الخارج لتحسين صورته بأي طريق بعد أن لطختها عار الإرهاب والتطرف والفساد، مضيفة أن مجال الرياضة قد تلوث بدخول قطر فيه، مؤكدة أن ما قام به المستثمر والمالك القطري في صفقة نيمار عار في تاريخ كرة القدم يضاف لسجل إمارة الإرهاب التي يحوم حولها حتى الآن شبهات فساد ورشاوى في تنظيم كأس العالم 2022 في الدوحة.
وقالت المصادر بالمعارضة القطرية، إن الدوحة تسعى من خلال صفقة "نيمار" إثبات أنها لم تتأثر بالحصار التجاري والدبلوماسي العربي.
الصحف البرازيلية تهاجم الصفقة
وفى هذا السياق، كشفت الصحف البرازيلية تفاصيل صفقة النادي الفرنسي، التي تم دفع فيها 36 مليون يورو لرجل الأعمال الإسرائيلي، بينى زاهافى، ووالد اللاعب نيمار، وهو وكيل أعماله أيضا، ليتقاسما المبلغ عند إتمام الصفقة، كما دفع سان جيرمان 222 مليون يورو قيمة الشرط الجزائي في عقد نيمار مع برشلونة، و100 مليون حصل عليها والده بعد التوقيع، إضافة إلى العمولة التي سيتقاسمها مع زاهافى بقيمة 18 مليون يورو، حيث يعتبر زاهافى، 73 عاما، أحد أشهر وكلاء الأعمال في كرة القدم ويدير أعماله من مكتبه الواقع في تل أبيب.
ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم كان دائما أحد الداعمين الأساسيين لقطر ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أحد الداعمين الأساسيين لقطر
وأكدت الصحف البرازيلية، أن التعاقد مع نيمار سيمثل تحديا خطيرا للنادي الفرنسي بإدارته القطرية، في ظل أن قواعد اللعب المالي النظيف التي أقرها اتحاد كرة القدم الأوروبي "يويفا" والتي حدت من الإنفاق المفرط لنادى باريس سان جيرمان خلال المواسم الأخيرة.
فيما قال خافيير تيباس، رئيس رابطة أندية الدوري الإسباني، إن انضمام نيمار إلى باريس جيرمان مخالف لقواعد اللعب المالي النظيف، خاصة مع وصول قيمة الصفقة لـ 222 مليون يورو هي قيمة كسر الشرط الجزائي في عقده مع النادي الكتالوني.
وكانت قد اشترت "قطر للاستثمارات الرياضية" بأقل من 50 مليون يورو غالبية أسهم نادى كرة القدم الفرنسي باريس سان جيرمان.
الإعلام الفرنسي يشكك في الصفقة
وفى السياق نفسه، ذكرت تقارير إعلامية فرنسية أن انتقال نيمار إلى الفريق الفرنسي لا يعنى أن قطر التي تملك النادي هي خارج النطاق عن تسليط الضوء على تمويلها للإرهاب.
رئيس نادى باريس سان جيرمان الفرنسي ناصر بن غانم الخليفي رئيس نادى باريس سان جيرمان الفرنسي وناصر بن غانم الخليفي
وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية كريستوف كاستانر، خلال مقابلة تليفزيونية مع قناة"CIS" الفرنسية: "إنها مسرحية قطرية للتأثير على الدبلوماسية من خلال الرياضة"، مشددا على ضرورة أن تجيب قطر على دورها في دعم الإرهاب وتمويله، مضيفا: "من الضروري أن تحافظ الدوحة على الشفافية الكاملة في موضوعات مثل تمويل الإرهاب، وفرنسا تؤيد الحوار وعلى قطر السماح لنا بطرح بعض الأسئلة المتعلقة بهذا الشأن".
800-مليون يورو القيمة الفعلية للصفقة
فيما، تناولت وسائل الإعلام الألمانية صفقة البرازيلي نيمار، التي أكدت أنها كلفت باريس سان جيرمان عمليا نحو 800 مليون يورو وليس فقط مبلغ الشرط الجزائي بقيمة 222 مليون.
وأشار الإعلام الألماني إلى أن ناصر الخليفي، هو مهندس الصفقة، حيث قامت مؤسسته التي يترأسها والمالكة للنادي الفرنسي بتوقيع عقد آخر مع نيمار بقيمة 300 مليون يورو، ليكون سفيرا رسميا لمونديال الدوحة 2022.
وقال موقع"RP" الألماني، إنه من المفترض أن يأخذ نيمار هذا المبلغ ليسدد الشرط الجزائي لبرشلونة من أجل فسخ عقده الممتد حتى 2021، ولكى لا يصطدم نادى باريس سان جيرمان بالقواعد المالية للعب النظيف لدى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، ففكر القطريين في ثغرة قانونية لتجيء قصة "سفير المونديال"، ويأخذ نيمار المبلغ ويسدده بنفسه، وبهذا يبقى باريس سان جيرمان بعيدا، رسميا، عن أموال تلك الصفقة، وإلا سيكون مخالفا لقواعد "يويفا"، التي تقضى بألا ينفق أي ناد، تابع للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فيما يخص الانتقالات مبالغ تفوق دخله.