زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى إسرائيل عام 1977، تسببت في انقسام في صفوف كبار العسكريين الإسرائيليين، حيث لم يشاطر بعض قادة الجيش تفاؤل الآخرين بخصوص حسن نوايا الرئيس المصري، حتى مع الحديث عن استعدادات لحرب جديدة بين الدولتين.
جاء ذلك ضمن وثائق رفعت وزارة الحرب الإسرائيلية عنها السرية، وتقول أنه تم انعقاد لقاء بعد يومين من خطاب السادات في الكنيست يوم 20 نوفمبر 1977، حيث اعترف بدولة إسرائيل، وأعرب عن نيته تطبيع العلاقات بين البلدين، والتي كانت حينذاك في حالة مواجهة منذ حرب أكتوبر 1973.
واتخذ رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي مردوخاي غور أثناء ذلك اللقاء موقفا متحفظا إزاء تصريحات السادات، مؤكدا أنه تلقى تعليمات من وزارة الدفاع بالاستعداد لحرب جديدة.
ودعمه قائد القيادة الجنوبية العسكرية هرتزل شريف، مشددا على أنه لا أحد يعرف النوايا الحقيقية التي تقف وراء تصريحات السادات الودية.
من جانب آخر، أعرب جنرالات آخرون عن ترحيبهم بزيارة السادات، منتقدين موقف الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحيم بيغن حيالها.
وشدد الجنرال أفيغدور بن غال الذي كان يترأس القيادة الشمالية خلال فترة ما بين 1977 و1981 على أن زيارة السادات اختراق تاريخي في غاية الأهمية، واصفا تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين في الكنيست بهذا الخصوص بأنها "حوار طرشان".
واتهم المسؤول العسكري مجلس الوزراء بنقص المرونة وعدم فهم الفرص التي يوفرها للحكومة وصول الرئيس المصري إلى إسرائيل بذاته.
وشاطر رئيس المخابرات العسكرية شلومو غازيت هذا الموقف، منددا بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك مناحم بيغن.
وأكد نائب رئيس هيئة الأركان رفائيل إيتان تفاؤله أيضا إزاء الزيارة كأول مفاوضات مباشرة بين الطرفين، مضيفا أن زيارة الرئيس المصري قد تشكل سابقة تاريخية بالنسبة للزعماء العرب الآخرين.
كما جعلت تصريحات السادات القيادة العسكرية الإسرائيلية تتطرق إلى القضية الفلسطينية، حيث أشار رئيس المخابرات العسكرية إلى ضرورة حل هذه القضية.
وشرح رئيس هيئة الأركان تفاصيل اجتماع عقد بين كبار الجنرالات الإسرائيليين ورئيسة الوزراء السابقة غولدا مائير ووزير الدفاع حينئذ موشي ديان، قائلا إن الجنرالات "وضعوا رئيسة الوزراء عند الجدار" مشددين لها على ضرورة عدم تجاهل القضية الفلسطينية بل تقديم رد عليها.
من جانبه، أشار الجنرال أوري سيمتشوني أيضا إلى ضرورة الاعتراف بوجود الفلسطينيين، وقال: "حتى قتل الفلسطينيين يتطلب الاعتراف بوجودهم، ومهما كانت نواياكم تجاههم ومهما تعتزمون منحهم إياه دولة أو لا، لكن أول شيء هو أنهم موجودون".