بينما التزمت باقي الأحزاب الإسلامية في شمال أفريقيا الصمت تجاه ما يحدث في المغرب، فاجأ عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم في الجزائر، الجميع بتعليق على تنحية عبد الإله بنكيران من تشكيل الحكومة، في صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أكد فيه إن بنكيران أضحى "غير مرغوب فيه"، بسبب أنه "نافس الملك في النجومية في رئاسته الحكومية الماضية، وأصبحت له شعبية كبيرة تجاوزت حدود رئيس حكومة تكنوقراطي".
وأضاف رئيس الحزب الإسلامي الجزائري أن القوى المحلية والدولية لا تريد "إسلاميا قويا وناجحا على رأس الحكومة"، ولا تريد "أردوغان آخر" في المغرب العربي، مهما كان وسطيا ومعتدلا ومسلما بقواعد اللعبة، إذا كان يرفض أن يكون مجرد تابع وليس شريكا.
وساند الإسلامي الجزائري بنكيران معتبرا أن الانسداد الذي شهدته مشاورات تشكيل الحكومة كان مصنوعا منذ البداية؛ حتى يضطر حزب العدالة والتنمية إلى اختيار شخص آخر غير بنكيران، رغم النجاح الكبير الذي حققه هذا الأخير، والذي يقر به خصومه أنفسهم، على حد تعبيره.
وتوقع مقري أن يجرى تعديل دستوري جديد بالمغرب مستقبلا؛ حتى يتم السماح للملك باختيار الحزب التالي في الترتيب الانتخابي لتشكيل الحكومة في حال عجز الحزب الأول عن ذلك لإبعاد الإخوان عن الحكم في المغرب، مضيفا أن بنكيران اختار المواجهة في الميدان.
موجه غضب عنيفة في الأوساط السياسية المغربية صاحبت تصريحات رئيس الحزب الإسلامي في الجزائر، وعلى الرغم من عدم صدور أي رد فعل رسمي في الرباط إلا أن إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة صعد من الموقف رافضا ما وصفه بالتدخل السافر في شأن داخلي، إلى حد أنه رفع طلب رسمي إلى وزير العدل والحريات بحكومة تصريف الأعمال في المغرب، يطالبه بمباشرة تحقيقات جدية في هذه التصريحات.
وأدان بشدة تصريحات رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، عبد الرزاق مقري، بخصوص تنحية عبد الإله بنكيران لافتا إلى أن وصف مقري لبنكيران بأردوغان المغرب، يثير أكثر من علامة استفهام حول استقلالية الأحزاب المغربية، لأنه يوحى بوجود حزب في المغرب مرتبط بأجندات خارجية، ويجعل مصلحة الوطن في رتبة ثانوية، ويمنح الأولوية للالتزامات الدولية ذات الطبيعة الإيديولوجية والتبعية للتنظيم العالمي.
ونبه العماري خصمه الجزائري إلى أنه "من غير المقبول إقحام المؤسسات المغربية في موضوع سيأسى داخلي، مرتبط ببنية المؤسسات الدستورية ببلادنا"، مبرزا أن تلك التصريحات عبارة عن رد فعل غير مبرر، وتدخل غير مقبول في شأن داخلي مغربي، وتطفل على حدث سيأسى في بلد له سيادة.
واعتبرت الأوساط المغربية أن هذا التدخل يندرج تحت بند التعاطف مع شخص عبد الإله بنكيران، والصادر عن شخص يتقاسم معه ذات المرجعية الإيديولوجية ولكن هناك حاجة حقيقية للتنبيه إلى أنه من غير المقبول إقحام التنظيمات الدولية في موضوع سيأسى داخلي يمس المؤسسات الرسمية، ويعد تدخلا غير مقبول في شأن داخلي مغربي، وتطفلا على حدث سيأسى في بلد له سيادة، ويحكمه دستور وقوانين، وله تقاليد وأعراف تاريخية عريقة في تدبير الشأن السياسي الداخلي.
وطالب رئيس حزب الأصالة المغربي والثاني انتخابيا حلفاء التنظيم العالمي للإخوان بالمغرب لتأكيد أو نفى ادعاءات هذا الشخص وتبادر للرد عليه، وقال "أوجه رسالة مباشرة للإسلامي الجزائري، وأقول له بأن النموذج السياسي المغربي ليس في حاجة إلى دروس من التنظيم العالمي للإخوان، ولا من فروعه خارج المغرب وداخله".
تلك الحالة الضبابية التي خيمت على العلاقات بسبب التنظيم الدولي للإخوان ربما تزيد من عدد الأزمات بين الجارتان الجزائر والمغرب، وعلى الرغم من أنها مازالت محصورة في حالة من التلاسن بين سياسيين من كلا البلدين، إلا أن المذكرة التي تم رفعها من حزب ذو ثقل سيأسى في المغرب لوزير العدل قد تمنحها طابعا رسميا إذا شهدت الساعات المقبلة تحركا في هذا الشأن.