كيف نحمي أبناءنا من مخاطر الولادة المبكّرة
في تونس 20 ألف طفل يولدون كل سنة بصفة مبكرة قبل الشهر التاسع من الحمل
يولد كل يوم في تونس حوالي 50 طفل مبكّر جديد، أي قبل انقضاء نهاية الشهر الثامن من الحمل، بمجمل يناهز 20 ألف ولادة مبكّرة في السنة وهو ما يتطلّب عناية مركّزة وجهود مضنيةلإنقاذهم، في رعاية كاملة لا تنتهي إذ تتواصل باستمرار حتى بعد مغادرتهم للمستشفى.ويتيح الاحتفال يوم 17 نوفمبر من كل سنة باليوم العالمي للولادة المبكّرة فرصة التعمق في بحث هذه الظاهرة والاهتمام بمضاعفاتها والحث على مزيد التفاني في انقاذ الأطفال المبكّرين ممّا يتهددهم من مخاطر حياتية.
ويبذل الفريق المتعدّد الاختصاصات في قسم طب وإنعاش الولدان بمستشفى شارل نيكول كل يوم أقصى الجهود لتوفير أحسن الخدمات للحفاظ على صحةهؤلاء المواليد حتى يضمن لهم أحسن حظوظ في صحّة مستقبلية سليمة من الأمراض والمضاعفات لهذا الوضع الخاص للولادة المبكّرة.
وإحياء لليوم العالمي للولادة المبكرة، ينتظميوم السبت 17 نوفمبر2018 بمستشفى شارل نيكول على الساعة العاشرة صباحا لقاء بين الفريق الطبي والشبه الطبي والإداري (الذي يقوم على رعاية هؤلاء الأطفال) من جهة، ومن جهة أخرى قدماء الأطفال السابقين لأوانهم وعائلاتهم والذين تقدموا بصفة متفاوتة في العمر بما يمثل أحسن حافز لهذا الفريق الصحي ويحثّ المسؤولين والمجتمع المدني للاهتمام بإشكالية النهوض والعناية بالأطفال المولودين مبكرا من أجل إيجاد كل الحلول الممكنة والناجعة.
ما هي أسباب الولادات المبكرة؟ وما هي انعكاساتها؟ وفيما تتمثل أهم الإشكاليات المرتبطة بالولادة المبكرة في تونس؟
تشير الإحصائيات العالمية إلى أن كل ولادة من عشرة (1/10) تكون سابقة لأوانها ممّا يجعل الحصيلة العامة تناهز15 مليون طفل كما تبرز أيضا وبالخصوص أن مليون طفل مبكّر منهم يموتون بسبب غياب الرعاية الضرورية عند الولادة المبكرة.
وبالإضافة لكونها سببا هاما للوفاة بين حديثي الولادة فهي تمثّل أيضا من الأسبابالبارزة للإعاقة المنجرّة عن الولادة وما يحيطها، وهي من أوكد أولويات الصحة العمومية.
ما هي أسباب الولادات المبكرة؟
عدة وضعيات تحيط بالمرأة الحامل تشكل عوامل اختصار للولادة المبكرة، منها:
- سنّ الأم تحت 18 أو فوق 35 سنة
- التدخين والكحول
- حمل التوائم وخاصة أن التطور الكبير لتقنيات الإنجاب بالمساعدة الطبية قد ضاعف نسبة الحمل بأكثر من جنين وهو سبب هام في الولادات المبكرة.
- حصول ولادة مبكرة سابقا
- الظّروف الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، كذلك الإجهاد النفسي أو الجسدي سواء كان مرتبط بظروف العمل أو بظروف عائلية
- بعض الحالات الصحية الخاصة للأم
التعرّف والاهتمام بهذه الأسباب يمكّن من تركيز عناية خاصة يمكنها أن تحدّ من ظاهرة الولادة المبكّرة.
ما هي انعكاسات الولادة المبكرة؟
الولادة المبكرة هي سبب هام من أسباب الوفيات والأمراض لدى الأطفال حديثي الولادة بسبب عدم اكتمال الوظائف الحيوية عند المولود قبل أوانه، في أغلب الحالات العناية بهذه الولادات المبكّرة تتطلّب إقامتهم بأقسام مختصة في طب الولدان وبوحدات الإنعاش. وقد تستمرّ الإقامة بالمستشفى أسابيع أو أشهر في بعض الحالات.
بعد مغادرة المستشفى تتواصل العناية الخاصة والمختصة للمواليد السابقين لأوانهم لعدّة سنوات حتى يقع التفادي بالتقصي والتشخيص المبكر لبعض الإعاقات للحد من تأثيرها على نمو الطفل خاصة على مستوى: السمع، النظر، الحركة العضوية، النطق، القدرة على التركيز والتعلّم.
ما هي أهم الإشكاليات المرتبطة بالولادة المبكرة في تونس؟
كما هو الحال في أغلب البلدان، فإن الولادة المبكرة في تونس تحتل المراتب الأولى في أسباب الوفيات عند الولادة وإن نسبتها في ارتفاع متزايد لعدّة أسباب:
- نسق الحياة الحديثة المرتفع المشط مع نمط العيش والظروف المهنية الصعبة.
- ارتفاع نسبة الحمل المتعدّد بتأثير المساعدة الطبية على الإنجاب
- وبصفة انعكاسية، فإن تحسّن مردود طب حديثي الولادة زاد في نسبة الولادات المبكرة حيث يلجأ أطباء النساء والتوليد الى اختيار الولادة المبكرة قبل أن يزداد تعكّر الحالة الصحية للأم أو للجنين سواء بفعل أمراض الأم أو أمراض تمس الجنين.
إن الولادة المبكّرة تشكل في تونس معضلة كبرى على مستوى الأخلاقيات والتعامل الطبي مع هاته الحالات. إن عدم توفّر طاقة الاستيعاب الكافية للأطفال حديثي الولادة في القطاع العام يجبر عدة عائلات للالتجاء إلى القطاع الخاص للعناية بأطفالهم ذوي الولادة المبكرة، إلا أن تكاليف الإقامة بوحدات الإنعاش مرتفعة جدا ولا تدخل تحت تغطية الصناديق الاجتماعية دون أن تكون هناك إمكانية اللجوء للمؤسسات العمومية حيث وحدات الإنعاش للمواليد تجد صعوبات جمة وعويصة تتعارض مع احتياجات الولادات التي تتم في هاته المستشفيات العمومية.
لماذا يوم عالمي للولادة المبكرة؟
كان 17 نوفمبر من سنة 2009 أول احتفال قامت فيه جمعيات غير حكومية بالاحتفاء بالولادة المبكرة ومنذ ذاك التاريخ انضمّت عدة بلدان لهذا الاحتفال ليصبح يوم 17 نوفمبر يوما عالميا.إن الغاية من هذا الاحتفال السنوي بالولادة المبكرة تهدف إلى تحسيس المسؤولين والسياسيين والمجتمع ككل بأهمية إشكاليات الولادة المبكرة. كيف يتم ذالك؟
1-التصدي للارتفاع المتواصل لنسبة الولادات المبكرة بمعالجة العوامل المتسببة.
2-تنظيم طب الولدان بما يضمن العناية المختصة على كامل تراب الجمهورية بالمواليد قبل الأوان الذين تبقى حياتهم مهددة خارج وحدات إنعاش مختصة.
3-إرساء منظومة للتغطية الاجتماعية تحتوي هذه الحالات.
الولادة المبكرة تستحق منا كل الاهتمام وقد تمس أي عائلة من أي شريحة اجتماعية.مواليد اليوم هم نساء ورجال الغد
الأستاذة زهراء بنسعيد المراكشي
رئيسة قسم طب وإنعاش الولدان
بمستشفى شارل نيكول، تونس